من طرف Admin الخميس ديسمبر 17, 2009 12:07 am
الحمدُ لله الذي صبَّ الماء صبًّا، وشقَّ الأرض شقًّا، وأنبتَ فيها حبًّا وعنبًا وقضبًا، وزيتونًا ونخلاً، وحدائقَ غُلْبًا، وفاكهة وأبًّا، متاعًا لكم ولأنعامكم.
أحمده سبحانه، جعل في الماء وما ينبت بعده للحياةِ وحقيقتِها مثلاً؛ {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} [الكهف: 45].
وأشهدُ أن لا إله إلا الله، جعَل من الماءِ كلَّ شيء حيٍّ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.
أمَّا بعدُ:
فاتَّقوا اللهَ - عباد الله - حقَّ التَّقْوى.
معاشرَ المؤمنين:
تعيشُ بلادُنا أجواءً ممطرةً وسحبًا غائمة، ورعودًا وبروقًا لامعة، وأوْدية جارية وسدودًا ممتلئةً، ونفوسًا - برحمة الله، عزَّ وجلَّ، وخيرِه - مُستبشِرة فرحة؛ {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ} [الشورى: 28].
من أجْملِ لحظات عيْش الإنسان في الدُّنيا: لحظاتُ نُزول المطَر، بل لا تكادُ توجد صورةٌ في الدُّنيا أجمل من نُزول الغيث من السَّماء، لاسيَّما مع حاجة النَّاس والحيوان والأرْض إلى الماء؛ وصدَق اللهُ العظيمُ إذ يقول: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} [الروم: 48، 49].
نسألُ الله أن يَجعَلَها سُقْيا رحمةٍ لا سُقْيا عذاب، ولا بلاءٍ، ولا هدم، ولا غرق، وأن يعمَّ بنفْعِها وبركتها البلادَ والعباد.
ولعلِّي في هذه الجُمعة المباركة أتحدَّثُ عن المطَر، وشيءٍ من حِكَمِه وأحكامه، فهُناك آدابٌ وأحكام كثيرةٌ تتعلَّق بِهذه المظاهر، يَجهَلُها البعضُ ويتغافل عنها البعْض الآخر.
الماء آيةٌ من آيات الله، ودليلٌ من دلائل قدرتِه الباهرة؛ {وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30].
الماء نعمةٌ من الله جليلة، وهبةٌ من الخالق جميلة؛ {أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنزِلُونَ} [الواقعة: 68، 69].
الماء أغْلى مفقودٍ، وأرْخصُ موجود، إذا عدم أو غار أو عجز الخلْق عن طلَبِه، فقدَتِ الأرْضُ نضارَتَها، وعدمتْ ثِمارَها، وهلكتْ ماشيتُها، وأصبح لونُها شاحبًا: {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: 24]، فإذا عاد إليها اهتزَّت وربتْ وأنبتت من كلِّ زوْجٍ بهيج؛ {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: 39]، ويقول الحقُّ تبارك وتعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ} [الملك: 30].
الماء إن زادَ عن حدِّه وقدرِه هلكتِ الخليقةُ، ولكنَّ الله ينزِّل بقدَرٍ ما يشاء؛ {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر: 21].
الماء جعله الحيُّ الرزَّاق للأرض حياةً، ولعبادِه بركةً ورحْمة، وللأنْعام رِزْقًا؛ {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ} [ق: 9]، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27].
الماء خَلْقُه عجيب، ونبؤُه غريب، صوَّره ربُّه بلا لون، وأوجدَه بِلا طعم، وأنزله بِلا رائحة، خفيف الرُّوح بَهي الطَّلعة، لطيفٌ رقراقٌ يُخالِط الجوف، وسهلٌ لينٌ يُحمل في الآنِية والأسْقِية، عنيدٌ مهْلِك يطغى على الأوْدِية، ويبلغ الجبال فيغرق من تحتَه ويهدِمُ ما أمامه.
أيُّها المسلمون:
كثيرةٌ هي آياتُ القُرآن تَسْرُد ذكر الماءِ وثَمراتِه وبركاتِه فيما يزيد على ستينَ موضعًا، تحفل بالصورِ والمشاهدِ الدَّالَّة على كونِه نعمةً ورحمةً من الله تعالى، ليس هذا فحسْب بل ونقمةً وعذابًا وبلاءً على الظَّالمين والكافرين والجاحدين، نعَم - عباد الله - فهذِه النَّسمات اللَّطيفة والقطَرات الصَّغيرة التي يُتَنَعَّم بها، قد تكون سيْلاً هادِرًا مُهْلكًا؛ {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 24، 25].
عبادَ الله، إنَّ الماء جنديٌّ من جُنود الله، وسجَّل له القُرآنُ عمليَّات كبيرة، قامَ بِها ضدَّ مَن خالفَ أمْر الله، واستكبَر في الأرض، فكان نقمةً تُحدِث الكوارث والموتَ، فأصبحتْ كوارث ومصائب لا تُنْسى أبدَ الدَّهْر؛ {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القَرْيَةِ الَتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً} [الفرقان: 40]، {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاءَ مَطَرُ المُنذَرِينَ} [الشعراء: 173].
لقدْ أغرقَ الله - جلَّ وعلا - بِهذا المطر أقوامًا تمرَّدُوا على شرْع الله، وفسَقوا وظلَموا، فكان عاقبتهم أن سلَّط الله عليْهِم هذا الجنديَّ، فأغرقَهُم ومزَّقهم كلَّ ممزَّق؛ {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ * وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 9-16].
إنَّه الماء الذي طغَى ليُهْلِك كلَّ طاغيةٍ، فأغرق فِرعون وأذلَّه، وأخذه وجيْشَه؛ {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الذاريات: 40]، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} [النازعات: 25]، شتَّت ملكَه وأبْقى أثَرَه؛ {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: 92].
إنَّه الماء والسيل العرِم، الذي جاء لقوم سبأ فكانوا للنَّاس في العبرة أحاديثَ، ومزَّقهم الله كلَّ ممزَّق؛ {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 15، 16].
إنَّه الماء والمطر الذي وقف في صفِّ الجيوشِ المسلمة، كما حصل في غزوة بدْرٍ؛ {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} [الأنفال: 11].
إنَّ هطول الأمْطار ونزولَ الماء رحمةٌ من والله، وبركةٌ على خلقه، وربَّما يكون عقابًا وعذابًا لآخَرين، ولعلَّ هذا السرُّ في أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا تغيَّر لونُه، وعُرِفَ ذلك في وجهِه، فقالت له عائشة - رضي الله عنها -: الناسُ إذا رأَوُا الغيم فرِحوا رجاءَ أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عرفت في وجهك الكراهية! فقال: ((يا عائشة، ما يؤمنني أن يكونَ فيه عذاب! قد عُذِّب قومٌ بالريح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: هذا عارض مُمطِرنا))؛ رواه البخاري ومسلم.
وعن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة زوْج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّها قالت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفتِ الريح قال: ((اللَّهمَّ إنِّي أسألُك خيرَها، وخيرَ ما فيها، وخيرَ ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرِّها، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أرسِلت به))، قالت: وإذا تخيلت السماء - يعني تغيَّمت وتهيأت للمطر - تغيَّر لونُه، وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرِّيَ عنْه، فعرفتُ ذلك في وجْهه، قالتْ عائشة: فسألتُه فقال: ((لعله - يا عائشة - كما قال قومُ عاد: فلمَّا رأوْهُ عارضًا مستقْبِل أوديتِهم قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرنا))؛ رواه مسلم.
هكذا كان سيدُ الخلق وأعرفُ الخلق بالله، فما بالُنا نحن نغفل عن هذا؟! وكأنَّنا بمأمن من أن يُصيبنا العذاب بالرِّيح أو بالمطر، أو البرد أو الزلازِل، أو غيْرها.
المطر عِلْمُ وقْتِ نُزوله بِيَد الله؛ {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النمل: 65]، قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مفاتيح الغيْبِ خَمسٌ))، ثُمَّ قرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]؛ رواه البخاري، {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59].
عبادَ الله:
ومن مظاهر كُفْران نعمة إنْزال المطر: التشبُّه بأهل الجاهليَّة في نسبة إنْزال المطر إلى غير اللهِ، من الكواكب والأنواء والطبيعة وغيرها من الأسباب؛ ففي الصحيحين، عن زيْد بن خالد الجُهني - رضِي الله عنْهُما - قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلاةَ الصُّبح بالحديبِية، على أثر سماءٍ كانت من اللَّيل، فلمَّا انصرف أقبلَ على النَّاس، فقال: ((هل تدْرون ماذا قال ربُّكم؟)) قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: ((أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأمَّا مَن قال: مُطِرْنا بفضْل الله ورحْمتِه، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمَّا مَن قال مُطِرْنا بنَوء كذا وكذا، فذلِك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب)).
فالواجب أن يُنسب نزولُ المطر وجَميع النعم إلى الله تعالى؛ {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
عباد الله:
في نزول المطر آياتٌ وعِبر؛ ففيه دليلٌ واضحٌ على قدرته - سبحانه - على إحياء الموتى، وإثبات البعْث والنُّشور، فالذي يُحْيي الأرْض بعد موتِها بالمطَر، قادرٌ على إحْياء الموتى بعد مُفارقتِهم للحياة؛ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: 39]، {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ} [الروم: 50]، {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 57].
أيُّها المسلمون:
إنَّ هذا الغيث الذي أنزَلَه الله عليْنا لَمن فضْل الله ورحمتِه، فكلُّنا يعلمُ أنَّ بلادَنا ليس بها أنْهار، وأنَّها تعتمد بعد الله في بعْض شؤونها على مياه الآبار التي تغذِّيها الأمطار، فعليْنا أن نقوم بشُكره - سبحانه - على نعمته، وأن نستعينَ بها على طاعته، فإنَّ مَن قام بشكر الله زاده الله، ومن كفَر بنِعْمة الله حرمه الله؛ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
وينبغي ألا نغترَّ بكثْرة الخير والمطَر والماء؛ فقد يكونُ استِدراجًا؛ روى الإمام أحمد عن عُقبةَ بن عامر - رضِي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا رأيتَ الله - عزَّ وجلَّ - يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب، فإنَّما هو استدراج))، ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأنعام: 44].
قال بعض السَّلف: "إذا رأيتَ الله يُنْعِم على العبد ثم هو يَعصيه، فاعلمْ أنَّما ذلك استِدْراج"، ثم تلا: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182].
ومن العجب أنَّ بعض النَّاس إذا زاد غِناه، ازدادَ طُغْيانه، يُنْعِم اللهُ عليْه وهو لا يزال يعصي؛ {إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7]، نسألُ الله غنىً لا يُطْغِينا.
اللَّهُمَّ اجعلْ ما أنزلْتَه علينا عوْنًا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.
أقولُ قوْلي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، من كل ذنب وخطيئة، فاستغْفِروه وتوبوا إليه.
الثلاثاء يونيو 20, 2017 2:24 am من طرف Admin
» تفسير سفر اشعيا الاصحاخ الثامن
الأحد أبريل 23, 2017 1:36 am من طرف Admin
» الدابة وعلامات ال لساعه الكبرى
الأحد أغسطس 07, 2016 4:25 pm من طرف Admin
» الدابة وعلامات ال لساعه الكبرى
الأحد أغسطس 07, 2016 4:25 pm من طرف Admin
» الدابة وعلامات ال لساعه الكبرى
الأحد أغسطس 07, 2016 4:24 pm من طرف Admin
» اختفاء سفينة منذ عام 1925
الإثنين أغسطس 01, 2016 1:01 am من طرف Admin
» دراسة جيولوجيه عنن قوم لوط وعاد وثمود
الخميس يوليو 28, 2016 4:10 pm من طرف Admin
» The most beautiful galaxy wallpaper
الخميس يوليو 28, 2016 8:54 am من طرف Juliet86
» د.عصام النمر ابن مدينة جنين
الإثنين يوليو 25, 2016 2:59 am من طرف Admin